أكدت دراسة طبية حديثة أن كبار السن الذين يمارسون عادة المشي السريع ، ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل، هم أفضل في أداء اختبارات الذاكرة، نتيجة لزيادة حجم منطقة "قرن آمون" الدماغية المعنية بتكوين الذاكرة القوية.
الدراسة التي نشرت ضمن النسخة الإلكترونية المبكرة لمجلة "تطورات الأكاديمية القومية للعلوم" بالولايات المتحدة، أظهرت نتائجها أن تناقص حجم أجزاء مهمة من الدماغ مع التقدم في العمر ليس حتميا بل يمكن منعه أو تأخيره، وحتى أيضا يمكن إعادته إلى الحجم الطبيعي. ومعلوم أن انكماش حجم الدماغ مرتبط باضطرابات الذاكرة التي تعتري كبار السن في الغالب.
وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" أن الدكتور كريك إريكسون، المتخصص في علم النفس الإكلينيكي في جامعة بيتسبيرغ والباحث الرئيسي في الدراسة، قال أنه "بإمكاننا تغيير حجم الدماغ لدى كبار السن، ومن الرائع بحق أن يحقق الاستمرار لمدة سنة واحدة في ممارسة قدر متوسط من النشاط البدني، ليس فقط مجرد إبطاء عملية انكماش حجم الدماغ، بل إعادة تكبير حجمه بالفعل".
وبالفحص الدقيق، تبين للباحثين أن الذين نما حجم الدماغ لديهم كانت لديهم أيضا نسبة أعلى في الدم لمادة كيميائية تسمى "العامل العصبي لنمو الدماغ".
وعلق الدكتور غاري كينيدي، مدير قسم علم نفس الشيخوخة في مركز مونتيفيور الطبي بمدينة نيويورك، بالقول: "حتى في المراحل المتقدمة من العمر، بإمكان منطقة (قرن آمون) أن تنمو ويزداد حجمها وتتكون فيها خلايا عصبية جديدة".
وأضاف: "إن هذه النتائج مثيرة جدا جدا، وهي بالأساس تعطي إثباتا للنظرية المتداولة منذ فترة والقائلة بأن ممارسة الرياضة البدنية تثير عملية نمو أعصاب الدماغ أو تثير تطور نمو الخلايا الجذعية البدائية الموجودة في حالة خاملة ضمن ثنايا أنسجة الدماغ، كي تتطور إلى خلايا دماغية ناضجة وعاملة بكفاءة. والذي يبدو واضحا أن التمارين الرياضة تثير وتسرع من عملية النمو والنضج هذه، وليس فقط وقف التدهور المعتاد للقدرات العقلية والتدهور في حالة خرف العته".
وتعتبر سرعة المشي لدى كثير من الأطباء إحدى العلامات الحيوية للجسم. أي مثل مقدار ضغط الدم ونبض القلب ووزن الجسم وحرارة الجسم ومعدل التنفس. ودلت كثير من الدراسات الطبية على أن ثمة علاقة وثيقة بين سرعة المشي وكثير من التوقعات المستقبلية لصحة الشخص، وخاصة على شرايين القلب والدماغ والسلامة من إصابات المفاصل والعظام وغيرها.
يخفض الإصابة بالسكري
وذكر موقع "هيلث داي نيوز" الأمريكي أن علماء من معهد مردوك لأبحاث الأطفال في ملبورن تعقبوا 592 راشداً في متوسط العمر شاركوا في دراسة ترمي إلى تحديد نسبة انتشار السكري في أستراليا بين الـ200 و2005.
وطلب من المشاركين إجراء فحص صحي في بداية الدراسة وتقديم معلومات بشأن نوعية طعامهم وحياتهم. وراقب العلماء المتطوعين طوال 5 سنوات ليكتشفوا أن المشي مرتبط بانخفاض مؤشر كتلة الجسم، وبحساسية أفضل تجاه الأنسولين وبحجم أصغر لمحيط الخصر.
وعمد الباحثون إلى احتساب التغيير الحاصل عند كل متطوع بعدما بات يمشي 10 آلاف خطوة يومياً، ووجدوا أن حساسية الأنسولين عندهم ترتفع 3 أضعاف مقارنة مع أشخاص يمشون 3 آلاف خطوة في اليوم الواحد لمدة 5 أيام أسبوعياً.
وخلص الباحثون إلى ان للمشي 10 آلاف خطوة يومياً بمعدل 5 أيام في الأسبوع الواحد مفيد للجسم ويقلص من خطر الإصابة بالسكري.
يكافح الشيخوخة
وأوضح الباحث ترودي مور هاريسون من جامعة نورث كارولاينا شارلوت أن كلفة برامج ممارسة رياضة المشي متدنية جداً لأنها لا تتطلب الاستعانة بأية معدات ونتائجها ممتازة لأنها تجنبهم الإعاقة البدنية وتمنحهم الحيوية والنشاط.
وتبين من الدراسة التي أجراها هاريسون على مجموعة من الأشخاص في الستينات من العمر أن تمارين الايروبيك الهادفة إلى زيادة فعالية نظام الجهاز القلبي الوعائي عبر تنشق الأكسجين ونقله إلى أماكن أخري في الجسم زادت النشاط البدني لهؤلاء بنسبة 25% مقارنة بنظراء لهم لم يشاركوا في مثل هذه النشاطات الرياضية.
كما كشفت أحدث الدراسات العلمية أن ممارسة الرياضة تفيد في العلاج والوقاية من بعض الأمراض, ومنها هشاشة العظام والسمنة خاصةً لدي المرأة, ولكن مع الالتزام ببعض الشروط عند ممارسة المشي.
وأكدت الدراسة أن ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يومياً تقي من هشاشة العظام دون الحاجة إلى استخدام العلاجات الهرمونية الصناعية.
وأكدت الدراسة أن ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يومياً تقي من هشاشة العظام دون الحاجة إلى استخدام العلاجات الهرمونية الصناعية.
ومن جانبه، أوضح الدكتور علي بيومي أستاذ الباطنة ورئيس وحدة الطب التكميلي بقصر العيني، أن يكون دون توقف إلا عند الضرورة كالإحساس بالتعب الشديد وعدم القدرة على المواصلة وأن يكون بخطي سريعة أي أقرب إلى الجري البطيء مع تحريك الذراعين عكس حركة القدمين, وأن يكون الظهر مشدوداً أثناء المشي حتى لا يسبب بروزاً في منطقة البطن، وأن يلامس مشط القدم الأرض قبل الأصابع والكعب, ويكون المشي بصفة منتظمة مع زيادة مدته تدريجياً، كما يفضل أن يكون المشي قبل الأكل أو بعده بثلاث ساعات ففي حالة امتلاء المعدة بالطعام تنشط الدورة الدموية في منطقة الجهاز الهضمي, والمشي هنا يضر ولا يفيد.
ويضيف الدكتور بيومي أن آثر المشي يستمر يومين بعد ممارسته، حيث أن العضلات تظل بعد المشي في حالة انقباض مما يزيد من معدل حرق الدهون، مؤكداً أن المشي بسرعة متوسطة يساعد علي تخلص الجسم من نحو300 سعر حراري في الساعة وإذا زادت السرعة يفقد400 سعر حراري, كما يفيد المشي في تقوية عضلات الفخذين والبطن.
وخلصت الدراسة إلى أن العظام تكون في طبيعتها مسامية ولكن مع التقدم في السن تصبح أكثر مسامية, فضلاً عن الانخفاض الطبيعي في إنتاج هرمون الاستروجين الأنثوي خلال ما يسمي بسن اليأس عند السيدات, ولذا تنصح الدراسة بأن تحصل السيدات علي الكثير من الكالسيوم من مصادره الطبيعية مثل حبوب الصويا والحليب, والجبن بالإضافة إلى مضغ حفنة من بذور السمسم الأبيض الغني بالكالسيوم الطبيعي دون التأثر بالكوليسترول الموجود في منتجات الألبان.
المشي حافيا
وأشار الدكتور فرانتيشيك بيتسيك من المركز الصحي التشيكي للتشخيص وعلاج الجهاز الحركي الذي أعد الدراسة، إلى أن مختلف التجارب التي أجريت أكدت أهمية التخلي عن الأحذية بين فترة وأخرى عندما يسمح الوسط الطبيعي بذلك لكنه نبه إلى أهمية اختيار المكان المناسب لممارسة هذا المشي لأن الأرض غير المستوية أفضل للمشي من السير على أرض مستوية وصلبة لافتاً لضرورة تجنب إثقال العضلات التي لا تتحرك عادة.
وأكد أن ملامسة القدمين الحافيتين الأرض غير المستوية ينشط بعض النقاط الموجودة في أسفل القدمين وخصوصا تلك المسئولة عن عمل بعض الأعضاء والعضلات التي لا تتحرك عادةً أثناء استخدام الأحذية.
وأوضحت الدراسة أن سكان الدول الذين لا يرتدون الأحذية كثيراً تظهر لديهم أقدام مسطحة أقل من الشعوب التي تعودت على استخدام الأحذية بشكل مستمر.
وبدأت ظاهرة جديدة تسجل في الكثير من المدن الأوروبية وهى إقامة حدائق عامة لممارسة المشي دون أحذية مزودة بأماكن خاصة لوضع الأحذية خلال ممارسة هذه الرياضة.
فيما أكد باحثون أمريكيون أن رياضة المشي السريع تحمي من الإصابة بنزلات البرد في فصل الشتاء، وذلك لما لها من فوائد تفوق تناول الأدوية والعقاقير.
وأشار الباحث دافيد نايمان من الكلية الأمريكية للطب الرياضي، إلى أن التمارين المعتدلة مفيدة للمصابين بنزلات البرد، مؤكداً أن التمارين الرياضية المعتدلة تعزز مناعة الجسم على المدى الطويل.
وأوضح نايمان أن الأشخاص الذين يمارسون رياضة المشي السريع لمدة 45 دقيقةً بمعدل أربع أو خمس مرات أسبوعياً تنخفض معدلات غيابهم عن العمل بنسبة تتراوح ما بين 25% و 50%.